فصل: رَدّ الْمُصَنّفُ عَلَى بَقِيّةِ الْأَقْوَالِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: زاد المعاد في هدي خير العباد (نسخة منقحة)



.فصل بَيَانُ اخْتِلَافِ النّاسِ فِي سَاعَةِ الْإِجَابَةِ:

وَقَدْ اخْتَلَفَ النّاسُ فِي هَذِهِ السّاعَةِ هَلْ هِيَ بَاقِيَةٌ أَوْ قَدْ رُفِعَتْ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ حَكَاهُمَا ابْنُ عَبْدِ الْبَرّ وَغَيْرُهُ وَاَلّذِينَ قَالُوا: هِيَ بَاقِيَةٌ وَلَمْ تُرْفَعْ اخْتَلَفُوا هَلْ هِيَ فِي وَقْتٍ مِنْ الْيَوْمِ بِعَيْنِهِ أَمْ هِيَ غَيْرُ مُعَيّنَةٍ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ. ثُمّ اخْتَلَفَ مَنْ قَالَ بِعَدَمِ تَعْيِينِهَا: هَلْ هِيَ تَنْتَقِلُ فِي سَاعَاتِ الْيَوْمِ أَوْ لَا؟ عَلَى قَوْلَيْنِ أَيْضًا وَاَلّذِينَ قَالُوا بِتَعْيِينِهَا اخْتَلَفُوا عَلَى أَحَدَ عَشَرَ قَوْلًا. قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ رَوَيْنَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ أَنّهُ قَالَ هِيَ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ إلَى طُلُوعِ الشّمْسِ وَبَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ إلَى غُرُوبِ الشّمْسِ.
الثّانِي: أَنّهَا عِنْدَ الزّوَالِ ذَكَرَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيّ وَأَبِي الْعَالِيَةِ.
الثّالِثُ أَنّهَا إذَا أَذّنَ الْمُؤَذّنُ بِصَلَاةِ الْجُمُعَةِ قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ رَوَيْنَا ذَلِكَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللّهُ عَنْهَا.
الرّابِعُ أَنّهَا إذَا جَلَسَ الْإِمَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ يَخْطُبُ حَتّى يَفْرُغَ قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ رَوَيْنَاهُ عَنْ الْحُسْنِ الْبَصْرِيّ.
الْخَامِسُ قَالَهُ أَبُو بُرْدَةَ هِيَ السّاعَةُ الّتِي اخْتَارَ اللّهُ وَقْتَهَا لِلصّلَاةِ.
السّادِسُ قَالَهُ أَبُو السوار الْعَدَوِيّ وَقَالَ كَانُوا يَرَوْنَ أَنّ الدّعَاءَ مُسْتَجَابٌ مَا بَيْنَ زَوَالِ الشّمْسِ إلَى أَنْ تَدْخُلَ الصّلَاةُ.
السّابِعُ قَالَهُ أَبُو ذَرّ إنّهَا مَا بَيْنَ أَنْ تَرْتَفِعَ الشّمْسُ شِبْرًا إلَى ذِرَاعٍ.
الثّامِنُ أَنّهَا مَا بَيْنَ الْعَصْرِ إلَى غُرُوبِ الشّمْسِ قَالَهُ أَبُو هُرَيْرَةَ وَعَطَاءٌ وَعَبْدُ اللّهِ بْنُ سَلَامٍ وَطَاوُوسٌ حَكَى ذَلِكَ كُلّهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ.
التّاسِعُ أَنّهَا آخِرُ سَاعَةٍ بَعْدَ الْعَصْرِ وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ وَجُمْهُورِ الصّحَابَةِ وَالتّابِعِينَ.
الْعَاشِرُ أَنّهَا مِنْ حِينِ خُرُوجِ الْإِمَامِ إلَى فَرَاغِ الصّلَاةِ حَكَاهُ النّوَوِيّ وَغَيْرُهُ.
الْحَادِيَ عَشَرَ أَنّهَا السّاعَةُ الثّالِثَةُ مِنْ النّهَارِ حَكَاهُ صَاحِبُ الْمُغْنِي فِيهِ. وَقَالَ كَعْبٌ لَوْ قَسّمَ الْإِنْسَانُ جُمُعَةً فِي جُمَعٍ أَتَى عَلَى تِلْكَ السّاعَةِ. وَقَالَ عُمَرُ إنْ طَلَبَ حَاجَةً فِي يَوْمٍ لَيَسِيرٌ. وَأَرْجَحُ هَذِهِ الْأَقْوَالِ قَوْلَانِ تَضَمّنَتْهُمَا الْأَحَادِيثُ الثّابِتَةُ وَأَحَدُهُمَا أَرْجَحُ مِنْ الْآخَرِ.

.دَلِيلُ مَنْ قَالَ بِأَنّ سَاعَةَ الْإِجَابَةِ مِنْ جُلُوسِ الْإِمَامِ إلَى انْقِضَاءِ الصّلَاةِ:

الْأَوّلُ أَنّهَا مِنْ جُلُوسِ الْإِمَامِ إلَى انْقِضَاءِ الصّلَاةِ وَحُجّةُ هَذَا الْقَوْلِ مَا رَوَى مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ أَبِي مُوسَى أَنّ عَبْدَ اللّهِ بْنَ عُمَرَ قَالَ لَهُ أَسَمِعْتَ أَبَاك يُحَدّثُ عَنْ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِي شَأْنِ سَاعَةِ الْجُمُعَةِ شَيْئًا؟ قَالَ نَعَمْ سَمِعْتُهُ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يَقُولُ هِيَ مَا بَيْنَ أَنْ يَجْلِسَ الْإِمَامُ إلَى أَنْ تُقْضَى الصّلَاةُ. ابْنُ مَاجَهْ وَالتّرْمِذِيّ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ الْمُزَنِيّ عَنْ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَالَ: «إنّ فِي الْجُمُعَةِ سَاعَةً لَا يَسْأَلُ اللّهَ الْعَبْدُ فِيهَا شَيْئًا إلّا آتَاهُ اللّهُ إيّاهُ» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللّهِ أَيّةُ سَاعَةٍ هِيَ؟ قَالَ: «حِينَ تُقَامُ الصّلَاةُ إلَى الِانْصِرَافِ مِنْهَا».

.تَرْجِيحُ الْمُصَنّفِ بِأَنّهَا بَعْدَ الْعَصْرِ مَعَ أَدِلّتِهِ:

وَالْقَوْلُ الثّانِي: أَنّهَا بَعْدَ الْعَصْرِ وَهَذَا أَرْجَحُ الْقَوْلَيْنِ وَهُوَ قَوْلُ عَبْدِ اللّهِ بْنِ سَلَامٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَالْإِمَامِ أَحْمَدَ وَخَلْقٍ. وَحُجّةُ هَذَا الْقَوْلِ مَا رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ أَنّ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَالَ: «إنّ فِي الْجُمُعَةِ سَاعَةً لَا يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ يَسْأَلُ اللّهَ فِيهَا خَيْرًا إلّا أَعْطَاهُ إيّاهُ» وَهِيَ بَعْدَ الْعَصْر وَرَوَى أَبُو دَاوُد وَالنّسَائِيّ عَنْ جَابِرٍ عَنْ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَالَ: «يَوْمُ الْجُمُعَةِ اثْنَا عَشَرَ سَاعَةً فِيهَا سَاعَةٌ لَا يُوجَدُ مُسْلِمٌ يَسْأَلُ اللّهَ فِيهَا شَيْئًا إلّا أَعْطَاهُ فَالْتَمِسُوهَا آخِرَ سَاعَةٍ بَعْدَ الْعَصْرِ».
وَرَوَى سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ فِي سُنَنِهِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرّحْمَنِ أَنّ نَاسًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ اجْتَمَعُوا فَتَذَاكَرُوا السّاعَةَ الّتِي فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَتَفَرّقُوا وَلَمْ يَخْتَلِفُوا أَنّهَا آخِرُ سَاعَةٍ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ.
وَفِي سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ: عَنْ عَبْدِ اللّهِ بْنِ سَلَامٍ قَالَ قُلْتُ وَرَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ جَالِسٌ إنّا لَنَجِدُ فِي كِتَابِ اللّهِ يَعْنِي التّوْرَاةَ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ سَاعَةً لَا يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُؤْمِنٌ يُصَلّي يَسْأَلُ اللّهَ عَزّ وَجَلّ شَيْئًا إلّا قَضَى اللّهُ لَهُ حَاجَتَهُ قَالَ عَبْدُ اللّهِ فَأَشَارَ إلَيّ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَوْ بَعْضَ سَاعَةٍ. قُلْت: صَدَقْتَ يَا رَسُولَ اللّهِ أَوْ بَعْضَ سَاعَةٍ. قُلْت: أَيّ سَاعَةٍ هِيَ؟ قَالَ هِيَ آخِرُ سَاعَةٍ مِنْ سَاعَاتِ النّهَارِ. قُلْتُ إنّهَا لَيْسَتْ سَاعَةَ صَلَاةٍ قَالَ بَلَى إنّ الْعَبْدَ الْمُؤْمِنَ إذَا صَلّى ثُمّ جَلَسَ لَا يُجْلِسُهُ إلّا الصّلَاةُ فَهُوَ فِي صَلَاةٍ وَفِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قِيلَ لِلنّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لِأَيّ شَيْءٍ سُمّيَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ؟ قَالَ لِأَنّ فِيهَا طُبِعَتْطِينَةُ أَبِيك آدَمَ وَفِيهَا الصّعْقَةُ وَالْبَعْثَةُ وَفِيهَا الْبَطْشَةُ وَفِي آخِرِ ثَلَاثِ سَاعَاتٍ مِنْهَا سَاعَةٌ مَنْ دَعَا اللّهَ فِيهَا اُسْتُجِيبَ لَهُ. وَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ وَالتّرْمِذِيّ وَالنّسَائِيّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ: «خَيْرُ يَوْمٍ طَلَعَتْ فِيهِ الشّمْسُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ فِيهِ خُلِقَ آدَمَ وَفِيهِ أُهْبِطَ وَفِيهِ تِيبَ عَلَيْهِ وَفِيهِ مَاتَ وَفِيهِ تَقُومُ السّاعَةُ وَمَا مِنْ دَابّةٍ إلّا وَهِيَ مُصِيخَةٌ يَوْمَ الْجُمُعَةِ مِنْ حِينِ تُصْبِحُ حَتّى تَطْلُعَ الشّمْسُ شَفَقًا مِنْ السّاعَةِ إلّا الْجِنّ وَالْإِنْسَ وَفِيهِ سَاعَةٌ لَا يُصَادِفُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ وَهُوَ يُصَلّي يَسْأَلُ اللّهَ عَزّ وَجَلّ حَاجَةً إلّا أَعْطَاهُ إيّاهَا» قَالَ كَعْبٌ: ذَلِكَ فِي كُلّ سَنَةٍ يَوْمٌ؟ فَقُلْتُ بَلْ فِي كُلّ جُمُعَةٍ قَالَ فَقَرَأَ كَعْبٌ التّوْرَاةَ فَقَالَ صَدَقَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ. قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ ثُمّ لَقِيتُ عَبْدَ اللّهِ بْنَ سَلَامٍ فَحَدّثْته بِمَجْلِسِي مَعَ كَعْبٍ فَقَالَ عَبْدُ اللّهِ بْنُ سَلَامٍ وَقَدْ عَلِمْتُ أَيّةَ سَاعَةٍ هِيَ. قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ فَقُلْتُ أَخْبِرْنِي بِهَا فَقَالَ عَبْدُ اللّهِ بْنُ سَلَامٍ هِيَ آخِرُ سَاعَةٍ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَقُلْت: كَيْفَ هِيَ آخِرُ سَاعَةٍ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لَا يُصَادِفُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ وَهُوَ يُصَلّي وَتِلْكَ السّاعَةُ لَا يُصَلّى فِيهَا؟ فَقَالَ عَبْدُ اللّهِ بْنُ سَلَامٍ أَلَمْ يَقُلْ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مَنْ جَلَسَ مَجْلِسًا يَنْتَظِرُ الصّلَاةَ فَهُوَ فِي صَلَاةٍ حَتّى يُصَلّيَ؟ قَالَ فَقُلْت: بَلَى. فَقَالَ هُوَ ذَاكَ. قَالَ التّرْمِذِيّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. وَفِي الصّحِيحَيْنِ بَعْضُه.

.رَدّ الْمُصَنّفُ عَلَى بَقِيّةِ الْأَقْوَالِ:

وَأَمّا مَنْ قَالَ إنّهَا مِنْ حِينِ يَفْتَتِحُ الْإِمَامُ الْخُطْبَةَ إلَى فَرَاغِهِ مِنْ الصّلَاةِ فَاحْتَجّ بِمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللّهِ بْنُ عُمَرَ أَسَمِعْتَ أَبَاك يُحَدّثُ عَنْ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَى شَأْنِ سَاعَةِ الْجُمُعَةِ؟ قَالَ قُلْت: نَعَمْ سَمِعْتُهُ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يَقُولُ هِيَ مَا بَيْنَ أَنْ يَجْلِسَ الْإِمَامُ إلَى أَنْ يَقْضِيَ الْإِمَامُ الصّلَاةَ. وَأَمّا مَنْ قَالَ هِيَ سَاعَةُ الصّلَاةِ فَاحْتَجّ بِمَا رَوَاهُ التّرْمِذِيّ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ الْمُزَنِيّ قَالَ سَمِعْت رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يَقُولُ إنّ فِي الْجُمُعَةِ لَسَاعَةً لَا يَسْأَلُ اللّهَ الْعَبْدُ فِيهَا شَيْئًا إلّا آتَاهُ اللّهُ إيّاهُ. قَالُوا: يَا رَسُولَ اللّهِ أَيّةُ سَاعَةٍ هِيَ؟ قَالَ حِينَ تُقَامُ الصّلَاةُ إلَى الِانْصِرَافِ مِنْهَا. وَلَكِنّ هَذَا الْحَدِيثَ ضَعِيفٌ قَالَ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرّ هُوَ حَدِيثٌ لَمْ يَرْوِهِ فِيمَا عَلِمْتُ إلّا كَثِيرُ بْنُ عَبْدِ اللّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدّهِ وَلَيْسَ هُوَ مِمّنْ يُحْتَجّ بِحَدِيثِهِ. وَقَدْ رَوَى رَوْحُ بْنُ عُبادَة عَنْ عَوْفٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرّةَ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى أَنّهُ قَالَ لِعَبْدِ اللّهِ بْنِ عُمَرَ هِيَ السّاعَةُ الّتِي يَخْرُجُ فِيهَا الْإِمَامُ إلَى أَنْ تُقْضَى الصّلَاةُ. فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ أَصَابَ اللّهُ بِك. وَرَوَى عَبْدُ الرّحْمَنِ بْنُ حُجَيْرَةَ عَنْ أَبِي ذَرّ أَنّ امْرَأَتَهُ سَأَلَتْهُ عَنْ السّاعَةِ الّتِي يُسْتَجَابُ فِيهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ لِلْعَبْدِ الْمُؤْمِنِ فَقَالَ لَهَا: هِيَ مَعَ رَفْعِ الشّمْسِ بِيَسِيرٍ فَإِنْ سَأَلْتنِي بَعْدَهَا فَأَنْتِ طَالِقٌ. وَاحْتَجّ هَؤُلَاءِ أَيْضًا بِقَوْلِهِ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلّي وَبَعْدَ الْعَصْرِ لَا صَلَاةَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَالْأَخْذُ بِظَاهِرِ الْحَدِيثِ أَوْلَى. قَالَ أَبُو عُمَرَ يَحْتَجّ أَيْضًا مَنْ ذَهَبَ إلَى هَذَا بِحَدِيثِ عَلِيّ عَنْ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَنّهُ قَالَ إذَا زَالَتْ الشّمْسُ وَفَاءَتْ الْأَفْيَاءُ وَرَاحَتْ الْأَرْوَاحُ فَاطْلُبُوا إلَى اللّهِ حَوَائِجَكُمْ فَإِنّهَا سَاعَةُ الْأَوّابِينَ ثُمّ تَلَا: {فَإِنّهُ كَانَ لِلأَوّابِبنَ غَفُورًا} [الْإِسْرَاءُ: 25].
وَرَوَى سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبّاسٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُمَا قَالَ السّاعَةُ الّتِي تُذْكَرُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ مَا بَيْنَ صَلَاةِ الْعَصْرِ إلَى غُرُوبِ الشّمْسِ. وَكَانَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ إذَا صَلّى الْعَصْرَ لَمْ يُكَلّمْ أَحَدًا حَتّى تَغْرُبَ الشّمْسُ وَهَذَا هُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ السّلَفِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَحَادِيثِ. وَيَلِيهِ الْقَوْلُ بِأَنّهَا سَاعَةُ الصّلَاةِ وَبَقِيّةُ الْأَقْوَالِ لَا دَلِيلَ عَلَيْهَا.

.سَاعَةُ الصّلَاةِ سَاعَةٌ تُرْجَى فِيهَا الْإِجَابَةُ وَلَكِنّهَا لَيْسَتْ السّاعَةَ الْمَخْصُوصَةَ:

وَعِنْدِي أَنّ سَاعَةَ الصّلَاةِ سَاعَةٌ تُرْجَى فِيهَا الْإِجَابَةُ أَيْضًا فَكِلَاهُمَا سَاعَةُ إجَابَةٍ وَإِنْ كَانَتْ السّاعَةُ الْمَخْصُوصَةُ هِيَ آخِرُ سَاعَةٍ بَعْدَ الْعَصْرِ فَهِيَ سَاعَةٌ مُعَيّنَةٌ مِنْ الْيَوْمِ لَا تَتَقَدّمُ وَلَا تَتَأَخّرُ وَأَمّا سَاعَةُ الصّلَاةِ فَتَابِعَةٌ لِلصّلَاةِ تَقَدّمَتْ أَوْ تَأَخّرَتْ لِأَنّ لِاجْتِمَاعِ الْمُسْلِمِينَ وَصَلَاتِهِمْ وَتَضَرّعِهِمْ وَابْتِهَالِهِمْ إلَى اللّهِ تَعَالَى تَأْثِيرًا فِي الْإِجَابَةِ فَسَاعَةُ اجْتِمَاعِهِمْ سَاعَةٌ تُرْجَى فِيهَا الْإِجَابَةُ وَعَلَى هَذَا تَتّفِقُ الْأَحَادِيثُ كُلّهَا وَيَكُونُ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَدْ حَضّ أُمّتَهُ عَلَى الدّعَاءِ وَالِابْتِهَالِ إلَى اللّهِ تَعَالَى فِي هَاتَيْنِ السّاعَتَيْنِ. وَنَظِيرُ هَذَا قَوْلُهُ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَقَدْ سُئِلَ عَنْ الْمَسْجِدِ الّذِي أُسّسَ عَلَى التّقْوَى فَقَالَ هُوَ مَسْجِدُكُمْ هَذَا وَأَشَارَ إلَى مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ. وَهَذَا لَا يَنْفِي أَنْ يَكُونَ مَسْجِدَ قُباء الّذِي نَزَلَتْ فِيهِ الْآيَةُ مُؤَسّسًا عَلَى التّقْوَى بَلْ كُلّ مِنْهُمَا مُؤَسّسٌ عَلَى التّقْوَى وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ فِي سَاعَةِ الْجُمُعَةِ هِيَ مَا بَيْنَ أَنْ يَجْلِسَ الْإِمَامُ إلَى أَنْ تَنْقَضِيَ الصّلَاةُ لَا يُنَافِي قَوْلَهُ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ فَالْتَمِسُوهَا آخِرَ سَاعَةٍ بَعْدَ الْعَصْر. وَيُشْبِهُ هَذَا فِي الْأَسْمَاءِ قَوْلَهُ مَا تَعُدّونَ الرّقُوبَ فِيكُمْ؟ قَالُوا: مَنْ لَمْ يُولَدْ لَهُ قَالَ الرّقُوبُ مَنْ لَمْ يُقَدّمْ مِنْ وَلَدِهِ شَيْئًا. فَأَخْبَرَ أَنّ هَذَا هُوَ الرّقُوبُ إذْ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ مِنْ وَلَدِهِ مِنْ الْأَجْرِ مَا حَصَلَ لِمَنْ قَدّمَ مِنْهُمْ فَرَطًا وَهَذَا لَا يُنَافِي أَنْ يُسَمّى مَنْ لَمْ يُولَدْ لَهُ رَقُوبًا. وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ مَا تَعُدّونَ الْمُفْلِسَ فِيكُمْ؟ قَالُوا: مَنْ لَا دِرْهَمٌ لَهُ وَلَا مَتَاعٌ. قَالَ الْمُفْلِسُ مَنْ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِحَسَنَاتٍ أَمْثَالِ الْجِبَالِ وَيَأْتِي وَقَدْ لَطَمَ هَذَا وَضَرَبَ هَذَا وَسَفَكَ دَمَ هَذَا فَيَأْخُذُ هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ الْحَدِيثَ. وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لَيْسَ الْمِسْكِينُ بِهَذَا الطّوّافِ الّذِي تَرُدّهُ اللّقْمَةُ وَاللّقْمَتَانِ وَالتّمْرَةُ وَالتّمْرَتَانِ وَلَكِنّ الْمِسْكِينَ الّذِي لَا يَسْأَلُ النّاسَ وَلَا يُتَفَطّنُ لَهُ. فَيُتَصَدّقَ عَلَيْه.

.آخِرُ سَاعَةٍ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ يُعَظّمُهَا جَمِيعُ أَهْلِ الْمِلَلِ:

وَهَذِهِ السّاعَةُ هِيَ آخِرُ سَاعَةٍ بَعْدَ الْعَصْرِ يُعَظّمُهَا جَمِيعُ أَهْلِ الْمِلَلِ. وَعِنْدَ أَهْلِ الْكِتَابِ هِيَ سَاعَةُ الْإِجَابَةِ وَهَذَا مِمّا لَا غَرَضَ لَهُمْ فِي تَبْدِيلِهِ وَتَحْرِيفِهِ وَقَدْ اعْتَرَفَ بِهِ مُؤْمِنُهُمْ.

.مُتَابَعَةُ الْمُصَنّفِ لِرَدّ بَقِيّةِ الْأَقْوَالِ:

وَأَمّا مَنْ قَالَ بِتَنَقّلِهَا فرام الْجَمْع بِذَلِكَ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ كَمَا قِيلَ ذَلِكَ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَهَذَا لَيْسَ بِقَوِيّ فَإِنّ لَيْلَةَ الْقَدْرِ قَدْ قَالَ فِيهَا النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَالْتَمِسُوهَا فِي خَامِسَةٍ تَبْقَى فِي سَابِعَةٍ تَبْقَى فِي تَاسِعَةٍ تَبْقَى. وَلَمْ يَجِئْ مِثْلُ ذَلِكَ فِي سَاعَةِ الْجُمُعَةِ. وَأَيْضًا فَالْأَحَادِيثُ الّتِي فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ لَيْسَ فِيهَا حَدِيثٌ صَرِيحٌ بِأَنّهَا لَيْلَةُ كَذَا وَكَذَا بِخِلَافِ أَحَادِيثِ سَاعَةِ الْجُمُعَةِ فَظَهَرَ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا. وَأَمّا قَوْلُ مَنْ قَالَ إنّهَا رُفِعَتْ فَهُوَ نَظِيرُ قَوْلِ مَنْ قَالَ إنّ لَيْلَةَ الْقَدْرِ رُفِعَتْ وَهَذَا الْقَائِلُ إنْ أَرَادَ أَنّهَا كَانَتْ مَعْلُومَةً فَرَفَعَ عِلْمَهَا عَنْ الْأُمّةِ فَيُقَالُ لَهُ لَمْ يُرْفَعْ عِلْمُهَا عَنْ كُلّ الْأُمّةِ وَإِنْ رُفِعَ عَنْ بَعْضِهِمْ وَإِنْ أَرَادَ أَنّ حَقِيقَتَهَا وَكَوْنَهَا سَاعَةَ إجَابَةٍ رُفِعَتْ فَقَوْلٌ بَاطِلٌ مُخَالِفٌ لِلْأَحَادِيثِ الصّحِيحَةِ الصّرِيحَةِ فَلَا يُعَوّلُ عَلَيْهِ وَاللّهُ أَعْلَمُ.
الْحَادِيَةُ وَالْعِشْرُونَ أَنّ فِيهِ صَلَاةَ الْجُمُعَةِ الّتِي خُصّتْ مِنْ بَيْنِ سَائِرِ الصّلَوَاتِ الْمَفْرُوضَاتِ بِخَصَائِصَ لَا تُوجَدُ فِي غَيْرِهَا مِنْ الِاجْتِمَاعِ وَالْعَدَدِ الْمَخْصُوصِ وَاشْتِرَاطِ الْإِقَامَةِ وَالِاسْتِيطَانِ وَالْجَهْرِ بِالْقِرَاءَةِ. وَقَدْ جَاءَ مِنْ أَبِي الْجَعْدِ الضّمْرِيّ- وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ- إنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَالَ: «مَنْ تَرَكَ ثَلَاثَ جُمَعٍ تَهَاوُنًا طَبَعَ اللّهُ عَلَى قَلْبِهِ» قَالَ التّرْمِذِيّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ وَسَأَلْت مُحَمّدَ بْنَ إسْمَاعِيلَ عَنْ اسْمِ أَبِي الْجَعْدِ الضّمْرِيّ فَقَالَ لَمْ يُعْرَفْ اسْمُهُ وَقَالَ لَا أَعْرِفُ لَهُ عَنْ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ إلّا هَذَا الْحَدِيثَ. وَقَدْ جَاءَ فِي السّنَنِ عَنْ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ الْأَمْرُ لِمَنْ تَرَكَهَا أَنْ يَتَصَدّقَ بِدِينَارٍ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَنِصْفُ دِينَارٍ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنّسَائِيّ مِنْ رِوَايَةِ قُدامة بْنِ وَبَرَةَ عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ. وَلَكِنْ قَالَ أَحْمَدُ: قُدامة بْنُ وَبَرَةَ لَا يُعْرَفُ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: ثِقَةٌ وَحُكِيَ عَنْ الْبُخَارِيّ أَنّهُ لَا يَصِحّ سَمَاعُهُ مِنْ سَمُرَةَ. وَأَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنّ الْجُمُعَةَ فَرْضُ عَيْنٍ إلّا قَوْلًا يُحْكَى عَنْ الشّافِعِيّ أَنّهَا فَرْضُ كِفَايَةٍ وَهَذَا غَلَطٌ عَلَيْهِ مَنْشَؤُهُ أَنّهُ قَالَ وَأَمّا صَلَاةُ الْعِيدِ فَتَجِبُ عَلَى كُلّ مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ صَلَاةُ الْجُمُعَةِ فَظَنّ هَذَا الْقَائِلُ أَنّ الْعِيدَ لَمّا كَانَتْ فَرْضَ كِفَايَةٍ كَانَتْ الْجُمُعَةُ كَذَلِكَ. وَهَذَا فَاسِدٌ بَلْ هَذَا نَصّ مِنْ الشّافِعِيّ أَنّ الْعِيدَ وَاجِبٌ عَلَى الْجَمِيعِ وَهَذَا يَحْتَمِلُ أَمْرَيْنِ أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ فَرْضَ عَيْنٍ كَالْجُمُعَةِ وَأَنْ يَكُونَ فَرْضَ كِفَايَةٍ فَإِنّ فَرْضَ الْكِفَايَةِ يَجِبُ عَلَى الْجَمِيعِ كَفَرْضِ الْأَعْيَانِ سَوَاءٌ وَإِنّمَا يَخْتَلِفَانِ بِسُقُوطِهِ عَنْ الْبَعْضِ بَعْدَ وُجُوبِهِ بِفِعْلِ الْآخَرِينَ.
الثّانِيةُ وَالْعِشْرُونَ أَنّ فِيهِ الْخُطْبَةَ الّتِي يُقْصَدُ بِهَا الثّنَاءُ عَلَى اللّهِ وَتَمْجِيدِهِ وَالشّهَادَةُ لَهُ بِالْوَحْدَانِيّةِ وَلِرَسُولِهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بِالرّسَالَةِ وَتَذْكِيرِ الْعِبَادِ بِأَيّامِهِ وَتَحْذِيرِهِمْ مِنْ بَأْسِهِ وَنِقْمَتِهِ وَوَصِيّتِهِمْ بِمَا يُقَرّبُهُمْ إلَيْهِ وَإِلَى جِنَانِهِ وَنَهْيِهِمْ عَمّا يُقَرّبُهُمْ مِنْ سُخْطِهِ وَنَارِهِ فَهَذَا هُوَ مَقْصُودُ الْخُطْبَةِ وَالِاجْتِمَاعِ لَهَا.
الثّالِثَةُ وَالْعِشْرُونَ أَنّهُ الْيَوْمُ الّذِي يُسْتَحَبّ أَنْ يُتَفَرّغَ فِيهِ لِلْعِبَادَةِ وَلَهُ عَلَى سَائِرِ الْأَيّامِ مَزِيّةٌ بِأَنْوَاعٍ مِنْ الْعِبَادَاتِ وَاجِبَةٌ وَمُسْتَحَبّةٌ فَاللّهُ سُبْحَانَهُ جَعَلَ لِأَهْلِ كُلّ مِلّةٍ يَوْمًا يَتَفَرّغُونَ فِيهِ لِلْعِبَادَةِ وَيَتَخَلّوْنَ فِيهِ عَنْ أَشْغَالِ الدّنْيَا فَيَوْمُ الْجُمُعَةِ يَوْمُ عِبَادَةٍ وَهُوَ فِي الْأَيّامِ كَشَهْرِ رَمَضَانَ فِي الشّهُورِ وَسَاعَةُ الْإِجَابَةِ فِيهِ كَلَيْلَةِ الْقَدْرِ فِي رَمَضَانَ. وَلِهَذَا مَنْ صَحّ لَهُ يَوْمُ جُمُعَتِهِ وَسَلِمَ سَلِمَتْ لَهُ سَائِرُ جُمْعَتِهِ وَمَنْ صَحّ لَهُ رَمَضَانُ وَسَلِمَ سَلِمَتْ لَهُ سَائِرُ سَنَتِهِ وَمَنْ صَحّتْ لَهُ حَجّتُهُ وَسَلِمَتْ لَهُ صَحّ لَهُ سَائِرُ عُمْرِهِ فَيَوْمُ الْجُمُعَةِ مِيزَانُ الْأُسْبُوعِ وَرَمَضَانُ مِيزَانُ الْعَامِ وَالْحَجّ مِيزَانُ الْعُمْرِ. وَبِاَللّهِ التّوْفِيقُ.
الرّابِعَةُ وَالْعِشْرُونَ أَنّهُ لَمّا كَانَ فِي الْأُسْبُوعِ كَالْعِيدِ فِي الْعَامِ وَكَانَ الْعِيدُ مُشْتَمِلًا عَلَى صَلَاةٍ وَقُرْبَانٍ وَكَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ يَوْمَ صَلَاةٍ جَعَلَ اللّهُ سُبْحَانَهُ التّعْجِيلَ فِيهِ إلَى الْمَسْجِدِ بَدَلًا مِنْ الْقُرْبَانِ وَقَائِمًا مَقَامَهُ فَيَجْتَمِعُ لِلرّائِحِ فِيهِ إلَى الْمَسْجِدِ الصّلَاةُ وَالْقُرْبَانُ كَمَا فِي الصّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النّبِيّ صَلّى اللّهَ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَنّهُ قَالَ مَنْ رَاحَ فِي السّاعَةِ الْأُولَى فَكَأَنّمَا قَرّبَ بَدَنَةً وَمَنْ رَاحَ فِي السّاعَةِ الثّانِيَةِ فَكَأَنّمَا قَرّبَ بَقَرَةً وَمَنْ رَاحَ فِي السّاعَةِ الثّالِثَةِ فَكَأَنّمَا قَرّبَ كَبْشًا أَقْرَن.